العصر العباسي الثاني
بداية هذا العصر صراع بين الأمين والمأمون على السلطة وهما من أبناء هارون الرشيد حيث استوجب على كل منهما الاستعانة بقوة لتناصره على أخيه
فاستعان الأمين بالترك والمأمون بالفرس وكان لابد لأحدها أن يصرع الآخر وانتهى الصراع بمقتل الأمين وفوز المأمون بالخلافة وانفرد بالحكم وحده وزاد من تحكم الفرس فى الدولة وبموت المأمون وتولى المعتصم الحكم بد
نفوز الفرس فى الانحسار وذلك لاستعانة المعتصم بالترك الذين عاسوا في البلاد فسادا فكان منهم الجند والقواد بل تحكموا فى مقاليد حكم البلاد وأصبح الخلفاء العباسيين لعبة فى أيديهم
ووصل بهم الأمر أنهم أصبحوا يعينون من يريدون خليفة ويعزلون من يشاءون
لذلك نجد قيام ثورات كثيرة انفصالية أدت فى النهاية إلى تفسخ الدولة العباسية وتقطيع أواصرها وانقسمت إلى عدة دويلات
ومن هنا نجد ظاهرتين مهمتين ميزتا هذا العصر هما
1- انه عصر الدويلات حيث قيام عدة ثورات انفصالية أدت إلى تفتيت الدولة العباسية إلى دويلات
2- غارات الروم على دمياط بمـــــــــــصر والشام
على الرغم من الانحلال السياسي الذي أصاب الدولة العباسية في العصر العباسى الثاني إلا أن الأدب شعرا ونثرا ظل مزدهرا وذلك لوجود عدة عوامل منها
1- النضج العقلي والعلمي
2- اهتمام الحكام بالعلم والثقافة والفن والأدب
3- تعدد الحواضر الأدبية من مثل القاهرة ودمشق وحلب وقرطبة
4- التنافس الشديد بين الدويلات ومنافستها بعضها البعض فى جذب الشعراء والعلماء والأدباء والفنانين
5- التنافس الشديد بين الشعراء وذلك ليحظوا بالمكانة المرموقة
6- ظهور فلتات فى الشعر والأدب كالمتنبي وأبى العلاء المعرى
عوامل ازدهار الشعر فى العصر العباسى الثانى
1 – امتزاج القوى بين أبناء المسلمين وغيرهم من الأجناس الأخرى
2- كثرة عطايا الخلفاء للشعراء وتقريبهم لهم
3- تعدد الحواضر الأدبية والتنافس الشديد بينها لجذب الشعراء
4- تعدد الأحزاب السياسية واعتمادهم على الشعراء والخطباء
5- النضج العقلي والعلمي الذي كان ثمرة رقى العصر العباسى الثانى
الشعر فى هذا العصر اتسم بالتجديد فى الأغراض القديمة وابتكار أغراض جديدة
1- الرثاء
وهو على رأس الأغراض التي تطورت في ذلك العصر وذلك حيث امتد الرثاء فشمل الحيوان والأمم بعد أن كان فى العصر العباسي الأول فيه زيادة في العاطفة حيث رثاء الزوجة والأولاد أما في العصر العباسي الثاني فكان رثاء الحيوان نتيجة لتأثر العرب بحياة الفرس
ومن أمثلة رثاء الحيوان قول احد الشعراء يرثى قطا له
يا هر فارقتـــــــنا ولم تعـد وكنت منا بمنزلـــــــــة الولد
2- العتاب
هو ترك السخرية اللاذعة إلى الدعابة و اتسع و احتوى على خطرات نفسية و تأملات فكرية و من أمثلة ذلك قول أبى فراس يعاتب صديقا له :
لم أؤاخذك بالجــــــفاء لأني واثق منك بالوداد الصــــريح
فجميل العدو غيــــــر جميل وقبيح الصديق غيــــــر قبيح
3- الزهد :
شمل معاني الكرم و العطاء و الصبر و التحلي بالأخلاق و من أمثلة ذلك قول على بن الجهم :
وعاقبــــة الصبر الجميل جميلة و أفضــــل أخلاق الرجال التفضل
و ما المال إلا حسرة إن تركتــه و عنــــــــم إذا قـــــدمته متعجــل
الموضوعات الجديدة و منها :
1- الشعر التعليمي :
حيث يحاول بعضهم كتابة التاريخ شعرا و من أمثلة ذلك قول أحدهم في بعثة النبي (صلى الله عليه و سلم )
ثـــم أزال الظـلـمة الضيــاء و عـاودت جــدتها الأشياء
أتـــاهـم المنتـــــخب الأواه مــحمـــــد صلى عليــه الله
2- وصف الحيوانات المفترسة :
كقول البحتري في وصف معركة بين أسد و بين الفتح بن خاقان
فلم أر ضرغامين أصدق منكما عراكا إذا الهيابة النكس كذبا
3- وصف أنواع من الطعام
حيث عرف العرب فى هذا العصر أنواعا من الطعام والشراب لم يكن يعرفوها من قبل حيث كانت حياتهم تتسم بالبداوة والطعام الذي يفتقر إلى الأنواع الأخرى
ومثال ذلك بن الرومي حيث يقول
ومرفقات كلهن مزخرف بالبيض منها ملبس ومدثر
4- وصف أنواع من اللهو واللعب :
حيث عرف العرب أنواع من اللعب لم يعرفوها من قبل نتيجة تأثرهم بحياة الفرس حيث عرفوا الصولجان وعرفو ا الشطرنج
ومن مثل ذلك قول ابن الرومي :
تقتل الشاة حيث شئت من الرقـــــــــــــعة طبا بالقتلة النكراء
5- شكوى الدهر :
وذلك نتيجة الفتن والثورات وسوء الأحوال الاقتصادية وسيطرة الفرس مرة والترك مرة وضعف الحياة والانقسام الذي ساد في جسد الدولة ظهرت شكوى الزمان
ومن أمثلة ذلك : قول المتنبي
صحب الناس قبلنا ذا الزمــــــــان وعناهم من أمرنا ما عنانا
وتــولوا بغصة كلهم منـــــــــــــه وأن ســر بعضهم أحيــــانا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وبالنسبة لمعاني الشعر وأخيلته بدأت بدقة وتجديد وابتكار ثم بعد ذلك تحولت إلى الضعف والسطحية والتفاهة فى نهاية العصر العباسي الثاني .
وإما بالنسبة للخيال
فقد كان الخيال كان العصر العباسي الثاني امتداد للعصر العباسي الأول فصار الخيال يتسم بالدقة والروعة والجمال والصدق والبعد عن التكلف ثم انحدر بانتهاء العباسيين فمال بعد ذلك إلى الركاكة فى الأسلوب والسطحية والتفاهة والإكثار من الزخارف اللفظية والمحسنات البديعية
ولو تناولنا الخصائص الفنية للشعر فى العصر العباسي الثاني
كانت امتداد لخصائص الشعر فى عصر الازدهار ثم ضعفت بعده
بالنسبة للمعاني والأفكار
اتسمت بـــــــــــ
الغزارة -- العمق -- الابتكار -- استقصاء المعاني
وبالنسبة للألفاظ والعبارات
اتسمت بـــــــــ
الجزالة -- الفصاحة -- الرصانة
وبالنسبة للصور والأخيلة
اتسمت بــــــ
الروعة والابتكار -- الإمتاع
الـــنــثـــــر
فى العصر العباسي الثاني
عوامل تطور النثر فى العصر العباسي الثاني
1- اتصال العرب بغيرهم من الشعوب والحضارات
2- اتساع ثقافة العرب نتيجة الامتزاج بالثقافات الأخرى
3- وصول الترك والفرس إلى ارقي المناصب
4- تعصب أصحاب الثقافات الأخرى لبلادهم الأصلية 5- ازدياد حركة الترجمة من والى العربي
6- النهضة العقلية التي وصلت إليها العقلية العربية
ومن مظاهر نهضة النثر فى العصر العباسي الثاني
1-- اتساع موضوعا ته 2- كثرة مذاهبه 3- تنوع فنونه 4- منافسته للشعر
5- النبوغ فيه وسيلة للوصول إلى ارقي المناصب
ونتيجة ازدهار العصر العباسي الثاني تنوعت فنون النثر حيث ظهر النثر الأدبي ، والعلمي والعلمي المتأدب
كتابة أدبية
وقد انقسم النثر الأدبي إلى :
الخطابة
الكتابة الأدبية وتشمل : 1- النثر القصصي 2- النثر الاجتماعي
3- الرسائل 4- التوقيـــــعات
الخطابة: ارتقت فى العصر العباسي الثاني ومن عوامل رقيها
1- الدوافع والمناسبات
2- الدعوة إلى الدولة وتأييدها وتأييد الحكم والحاكم وتهديد الخارجين عليها
3- إثارة حماسة الجنـــــــــــــــــود
4- حرية القــــــــــــــــــــول
ولقد ظلت الخطابة فى العصر العباسي الأول وأول الثاني إلى أن ضعفت بعد ذلك بسبـــــب
1- عدم الاحتياج للخطابة بسبب استقرار الأمر للعباسيين
2- فتور النظام الحربي لعدم وجود ما يثير الحماسة لدى الجنود
3- سيطرة الموالى على شؤون الدولة وعدم إتقانهم اللغة العربية
النثر العلمي والنثر الأدبي
النثر العلمي
وفيه يتناول الكاتب نقل فكرة علمية إلى السامع أو القارئ بــــ
1- دقة الألفاظ وخطاب العقل 2- البعد عن الصور والخيال
3- استخدام المصطلحات العلمية 4- مخاطبة العــــــقـل
النثر الادبى
وفيه يتناول الكاتب نقل فكرة أدبية إلى السامع أو القارئ ويتميز بــــ
1- رقة الألفاظ و عذوبتها 2- الإكثار من الصور الجمالية والخيال
3- مخاطبة المشاعر والأحاسيس
النثر العلمي المتأدب
وفيه يتناول الكاتب موضوعا علميا بصورة أدبية مستخدما ألفاظ وعبارات مشوقة ويتميز بـــ
1- استخدام بعض الصور الجمالية لكسر حدة الجمود
2- استخدام الألفاظ الأنيقة
3- الابتعاد قليلا عن المنهج العلمي البحت
علماء اللغة والبلاغة أعجبوا بالمقامات رغم انتقاد علماء الأخلاق لها وذلك لــــــــــ
1-أعجب علماء اللغة العربية والبلاغة بالمقامات وذلك لما وجدوا فيها من غريب الألفاظ والتلاعب بها مما يعطى ثراء فى اللغة والالفاظ وقد وجد فيها علماء البلاغة كثرة السجع والجناس والاستعارات والذي يمثل تطبيق عملي للصور والبيان والبديع كما وجدوا فيها نواة للقصة .
3- علماء الأخلاق كانوا على عكس ذلك فلقد نظروا إلى ما فيها من احتيال لكسب المال واستجداء للآخرين مما يجعلها منافية للأخلاق